19/07/2021
تم اعتماد أول مبنى في العالم يحصل على أعلى تصنيف لقدرته على الحد من تأثير الوباء وفق معايير مناعة المباني، وهو معيار تم طرحــه في منـطقة الخليج، كما تقول الشركة المطورة لمعيار مناعة المباني.
يقوم نظام معيار مناعة المباني باعتماد مستوى المناعة للبيئة المبنية من حيث قدرتها على تحمل التحديات الصحية والحد من تأثير الوباء وغيرها من التهديدات البكتيرية والسامة. وقد حقق هذا النظام في الشهر الماضي إنجازًا ملموسًا مع حصول أول مبنى في العالم على أعلى مستوى اعتماد لهذا المعيار الأول العالمي الأول من نوعه.
ومن المتوقع أن يحظى هذا المعيار الآن برواج في منطقة الخليج العربي، حيث كانت ردود الفعل إيجابية، حسب ما يقول المطور ليفيو تيدور، رئيس الاتحاد الأوروبي للعقارات في بلجيكا، ورئيس مجلس إدارة غينيسز بروبرتي.
يقول تيودر: «نتطلع إلى اعتماد أول مبنى داخل منطقة الخليج العربي بأحد الملصقات الثلاثة التالية: متين ويساوي ثلاث نجوم، وقوي وتساوي أربعة نجوم، ومرن وتساوي خمس نجوم.»
تم طرح معيار مناعة المباني عبر هيلثي من معهد تصميم المباني في العاصمة البلجيكية بروكسل في العام الماضي خلال وصول الوباء العالمي إلى الذروة. ويعد تصنيفًا لطرف ثالث لبيئة البناء ويركز على تزويد مشغلي المباني بالأدوات والاستراتيجية للمتابعة والتواصل وتعديل صحة المساحة الداخلية، مع بروتوكول عالي الكفاءة للاستجابة في حالة وقوع أي حدث يشتمل على فيروسات أو بكتيريا أو مواد سامة.
ويستلهم المعيار مفهومه من التكنولوجيات والإجراءات التي تم تطبيقها بنجاح في المستشفيات و«الغرف النظيفة»، وتعديلها بحيث يمكن استخدامها في المشاريع العقارية التجارية.
يعتمد المعيار على الاستثمار العملي في نظام هيلثي باي ديزاين سيستم، بالتعاون مع شبكة من الأجهزة والتكنولوجيا والمعدات والأشخاص المتخصصين والمرافق الجديدة لترويج القواعد التشغيلية والصحية التي تركز على المساحة المادية للمقيمين والزوار.
يستخدم نظام هيلثي باي ديزاين سيستم مجموعة من أجهزة الاستشعار المتخصصة التي تقيس أبعاد البيئة الداخلية مثل مستويات الهواء والرطوبة ودرجة الحرارة وثاني اكسيد الكربون. يتم جمع بيانات عن أداء المبنى في الوقت الحقيقي، بما يساعد مشغلي المبنى على التحقق وتعديل ظروف المبنى وفق مستويات الاداء الصحية، بحيث يوفروا للمقيمين المساحة والثقة في التجربة الصحية عند العودة إلى مكاتبهم.
يمكن استخدام معيار مناعة المبنى من قبل أي هيئة لتقييم المباني ومنح شهادات الاعتماد في أي مرحلة من دورة حياة المبنى وحالته سواء جديد أو في جاري الاستخدام أو التجديد.
يتم تخصيص مستند المصدر المفتوح الحالي للمبـاني المكــتبية فقــــط، ويمــكـــن تعديلـــها لاعتــماد أنواع أخرى من المبــــاني مثــــــــــل الضيافة والتجزئة والرعاية الصحية والتعليم والسكن.
أول مبنى حاصل على اعتماد المناعة
أول مبنى يحصل على أعلى مستوى اعتماد لمعيار مناعة المباني هو مبنى أتش 3 في منطقة ويست جيت بيزنس في بوخارست، رومانيا وتشغله شركة إريكسون بالكامل.
وتتبع الشهادة مشروعًا تطبيقيًا لمدة تسعة شهور من قبل غينيسز بروبرتي، وهي شركة للمكاتب فئة (أ) وعضو فعال في الاتحاد الأوروبي للعقارات. والنتيجة إنجاز 119 نقطة من 135 نقطة قياس ضمن مؤشر تقييم المناعة بنجاح. تبلغ تكلفة التطبيق على مساحة 15500 متر مربع في مبنى أتش 3 حوالي 375 ألف يورو (444800 دولار) تمثل 1.4 بالمائة من قيمة المبنى.
وبعد الإعلان عن تفشي الوباء، تم وضع اجراءات احترازية في منطقة مكاتب المستأجرين في المبنى. وأصبح مؤشر حساب تقييم المناعة أداة فعالة وضـــرورية لتقـــييم مســـتوى كفــــاءة هذه الإجـراءات، مع استهداف الحصــول على مبنى صحي للموظفين والزوار، كما تقول غينيسز بروبرتي.
يتم الدخول والخروج من المبنى المتمتع بالمناعة من خلال التكنولوجيا اللاتلامسية للتحكم في الدخول، بينما تتمتع المناطق المستخدمة بكثافة مثل الأبواب وأزرار المصاعد وماكينات المشروبات في الكافتيريا بالأمان عند الاستخدام بسبب التكنولوجيا ذاتية التنظيف الموضوعة على كل سطح.
كما تم تركيب أحدث التكنولوجيا التي تعتمد على أيونات ثاني أكسيد الأيدروجين للحفاظ على صحة البيئة الداخلية بقدر الإمكان. وبالإضافة إلى الحد من مستويات الإشغال في المصاعد، فإنه تم تركيب أنظمة التطهير للأشعة فوق البنفسجية، وتنقية الهواء في أعمدة المصاعد لضمان الانتقال الآمن بين الطوابق. هذا إلى جانب تركيب نظام تطهير الهواء UV-C في وحدة مناولة الهواء، فضلا عن وحدة التحكم في الرطوبة مع تنقية إضافية في نظام التهوية لخفض المخاطر الصحية المتعلقة بالجزيئات وتلوث الهواء. بالإضافة إلى ذلك تم تطبيق نظام تنقية المياه من الدرجة الأولى باستخدام تكنولوجيا التناضح العكسي لإبعاد أكبر كمية من التلوث.
من ناحية أخرى، أعيد تصميم بعض المرافق لدمج خصائص السلامة فيها، مثل إعادة دهان السلالم مع دهان مقاوم للبكتيريا، وتركيب تكنولوجيا لاتلامسية للصابون والمياه والمناشف والتحكم في الإضاءة والزوايا الدائرية لسهولة التنظيف ووحدات تطهير الهواء في الحمامات. كما تم استخدام مرآة إيميون ديجيتال توين ديسبلاي وهي مرآة رقمية تتيح لسكان المبنى التعرف على مؤشرات تعزيز المناعة مثل التحسن اليومي في جودة الهواء الداخلي، ومستويات ثاني أكسيد الكربون أو الرطوبة، وغيرها من المعلومات ذات الصلة بمعدات المناعة في جميع أنحاء المبنى وطول الوقت.
ومن الإجراءات الإلزامية المستخدمة أيضًا في مبنى أتش 3 هو نظام إميون آيزوليشن روم، كوارنتين روم وهي غرف للعزل صممت خصيصًا وتم تجهيزها للاستخدام الفوري في حالة الحاجة إلى عزل الناس المعرضين للأمراض الفيروسية. كما أن نظام إميون ويرهاوس يشتمل على نظام لوجستي فعال وسريع للاستجابة لحالات الوباء وهو مجهز بالكامل بمواد وقائية مثل PPE.
المناعة والمنطقة
«إن معيار مناعة المباني عبارة عن شهادة اعتماد من طرف ثالث للبيئة المبنية، وتوفر حلولا شاملة لأي مالك مبنى أو مستأجر للمساعدة في خلق مباني صحية في المستقبل التي تضع صحة ورفاهية الناس في محور عملها،» كما يوضح تيدور.
تعد منطقة الخليج العربي رائدة في البيئة المبنية. وفي ظل رؤية هذا المعيار الرامي إلى حصول كل مبنى في المدن الرئيسية في العالم على درع المناعة، فإن هناك العديد من المناصرين والمطورين في هذه المنطقة القادرين على مواصلة هذا التوجه. كما يقول تيدور. «يمكن لأي مالك اختيار اعتماد مبناه وفق معيار مناعة المباني في أي مرحلة من دورة حياة المبنى.»
«العملية سهلة، ففي البداية يجب الاتصال بمعهد هيلثي باي ديزاين من خلال موقعهم www/immune-building.com. وسيتم تزويدهم بمؤشرات تقييم المناعة لمساعدتهم على إجراء التقييم الذاتي والذي صمم لتعزيز الكفاءة وتقديم الدعم. وللحصول على شهادة المناعة، سيقوم مقيم معتمد بتقييم المبنى وإعداد تقرير للمعهد الذي سيقوم بإصدار شهادة الاعتماد.»
يعد معيار مناعة المباني بمثابة استثمار في نظام هيلثي باي ديزاين سيستم، حيث يجمع شبكة الأجهزة والتكنولوجيات، والمرافق الجديدة، والأشخاص المتخصصين، وقواعد إدارة المرافق المحسنة بالقواعد الصحية، فضلا عن بروتوكول التواصل بين خصائص المبنى والمقيمين والزوار. يتم تصميم كل هذه العناصر لضمان تفهم الناس عند دخولهم المبنى نوع البيئة الداخلية فيها، بينما يوفر المبنى الطرق التي تعزيز الثقة في هذه المساحة المادية والتأكيد على أنها صحية وجاهزة لإنجاز الغرض منها.
«لقد تم تصميم هذا المعيار للناس، لكل فرد منا يرغب في العودة إلى مكتبه بدون مخاوف من إمكانية تعرضه للمرض، أو تهديد صحة من يعزون عليه. ولهذا فهو ليس مجرد معيار فحسب، بل نافذة إلى سوق المكاتب في المستقبل، ومستقبل حياة العاملين فيها،» كما يؤكد.
«إن الإجراءات الصحية التي يتم تطبيقها حاليًا ليست كافية لضمان جدوى أجواء العمل، التي تشتمل على أعداد كبيرة من الناس. وبينما لا يمكن تخيل مبنى بدون أنظمة للوقاية من الحريق، فإننا نؤمن بأن المناعة سوف تصبح جزءًا طبيعيًا من صحة المباني. إن هذا الوباء لم ينتهي بعد، لذا فإن دعوتنا للتعاون مازالت مفتوحة وتهدف إلى تطوير نسخة نهائية من المعيار تساعد على تصميم مبنى صحي في المستقبل،» كما يختتم تيدور.