22/11/2020
ستيوارد جوردان* يبحث الوساطة والآثار المستقبلية لاتفاقية سنغافورة للوساطة التي تم تشكيلها مؤخرًا والتي تم التصديق عليها من قبل اثنين من دول الخليج وهما السعودية وقطر.
مثل أي صناعة، فإننا نقف بالكامل بجانب الوساطة حتى نتعرض لنزاع. وعند هذه النقطة، فإننا على ثقة بأن ليس هناك الكثير لنبحثه قبل أن ندخل في التحكيم أو التقاضي. إن الطرف الآخر يدرك جيدًا موقفنا القوي وقد استمعنا إلى أعذارهم العديد من المرات. لذا فإن الاقتراح بالوساطة الآن مجرد محاولة لإبطاء طريقنا إلى النصر.
هذا عرض كامل لوجهة النظر، ولكن صناعتنا عادة تبدي تشككًا من قيمة الجلوس مع الآخرين على أمل الوصول إلى تسوية يتملص منها جميع الأطراف. وبعيدًا عن أي أمور أخرى، يبدأ الوسيط من طريق طويل من النزاع بين الأطراف، والمشروع، والعقود، وربما أعمال بناء بصفة عامة. إننا سوف نحل نزاعنا بأنفسنا، أو نموت في محاولة تحقيق ذلك!
ولكن من التطورات التي قد تدفعنا إلى الاعتماد على الوساطة هي اتفاقية الأمم المتحدة بشأن اتفاقيات التسوية الدولية المنبثقة من الوساطة (أو اتفاقية سنغافورة للوساطة) والتي تسري اعتبارًا من 12 سبتمبر 2020. أي تسوية لأي نزاع هو عبارة عن عقد جديد يكون بديلا عن المسؤوليات المدرجة تحت العقد الأصلي مع مسؤوليات جديدة للدفع أو التصرف وفق هذه التسوية. إذا عجز المتعهد بتنفيذ شروط التسوية، يمكن للطرف الثاني إصدار إجراءات قضائية جديدة للحصول على حكم قابل النفاذ.
تهدف اتفاقية سنغافورة إلى التأثير على التنفيذ التلقائي لتسويات الوساطة في الدول الموقعة على الاتفاقية. أي إنها بمثابة طريق مختصر يجبر محاكم الدول الموقعة على اتخاذ اتفاقية التسوية كدليل بأنه تم تسوية النزاع بشكل صحيح وفق الشروط المذكورة، ولذا يتعين تنفيذ الاتفاقية بناء على ذلك.
في وقت كتابة هذا المقال، وصل عدد الدول الموقعة على الاتفاقية إلى 53 دولة، بما فيهم الولايات المتحدة والصين. وفي الخليج، وقعت كل من السعودية وقطر فقط على الاتفاقية وصدقا عليها أيضًا.
هذا يسري فقط على النزاعات الدولية، حيث يكون الأطراف (أو اثنين منهما على الأقل) يقع مقرهم في دول مختلفة أو دولة مختلفة عن الدولة الأساسية التي تم فيها الوصول إلى اتفاقية التسوية (وليس العقد الأصلي)، أو دولة مختلفة عن الدولة الأقرب أرتباطًا بالموضوع محل اتفاقية التسوية.
وتقوم الاتفاقية بتعريف الوساطة على أنها عملية «يحاول بمقتضاها الأطراف الوصول إلى تسوية ودية بشأن خلافهم بمساعدة طرف أو أطراف ثالثة («الوسيط»)، الذي لا يملك سلطة لفرض أي حل على الأطراف. هذا التعريف يمكن أن يصف (على سبيل المثال) اتفاقية لتسوية في أعقاب قرار غير ملزم من خبير أو مجلس لمراجعة النزاع، ولكن الإقرار وفق الاتفاقية يتطلب دليل (على سبيل المثال نسخة من التسوية الموقعة من قبل الأطراف والوسيط أو بيان من هيئة للوساطة) تحت رعاية طرف ثالث لإنهاء هذا النزاع.
إن الإقرار وتطبيق ليست عملية تلقائية بالكامل، فهناك العديد من العوامل التي تقف أمام فرض هذه الاتفاقية، منها.
? اتفاقية التسوية غير ملزمة، كما أنها باطلة وغير صالحة، ولا يمكن تنفيذها، وغير مفهومة، ولا يمكن تطبيق التزاماتها.
? يوجد عدد من المخالفات الخطيرة من قبل الوسيط بشأن المعايير السارية على الوسيط أو الوساطة، أو العجز عن الكشف عن أمور قد تثير الشكوك حول تحيز الوسيط » بحيث أن الطرف المقاوم لتطبيق الاتفاقية لم يكن ليبرم اتفاقية التسوية.
من وجهة نظري، فإن التعريفين الواسعين للوساطة والعوامل المقاومة لتطبيق اتفاقيات التسوية على علم بأن الاتفاقية لا تستطيع أن تقدم تصديقًا لعملية تكون متباينة عند التنفيذ. حتى إذا شارك في العملية وسطاء يتمتعون بالخبرة والمهنية والنوايا السليمة، فإنه لا توجد قواعد راسخة، وفي كثير من الأماكن لا توجد تنظيمات للوساطة والوسطاء.
ستلاحظ أن اتفاقية سنغافورة تهدف إلى القيام بدور مماثل في الوساطة كما في اتفاقية نيويورك (اتفاقية الاعتراف بقرارات التحكيم الأجنبية وتنفيذها)، وذلك من خلال تقديم الاعتراف والتطبيق لقرارات التحكيم. لقد قامت اتفاقية نيويورك بدور مساعد (وربما حاسم) في تأسيس التحكيم كوسيلة مفضلة لحل النزاعات في مشاريع البناء الدولية، ونأمل أن تتمكن اتفاقية سنغافورة من القيام بنفس الشئ مع الوساطة.
إنني لست متأكدًا بأن هذه الاتفاقية سوف تحدث فارقًا. فالاعتراف الدولي مشكلة حقيقية، ولكنني لا أراها ترتبط باتفاقيات التسوية. فالطرف الساعي إلى استخدام الوساطة لتسوية نزاع ليس بالتأكيد راغبًا في نقض الاتفاقية أو مقاومة تطبيقها.
* ستيوارت جوردان شريك في مجموعة جلوبال بروجكتس أوف بيكر بوتس، وهي شركة محاماة دولية رائدة. وتركز ممارسات جوردان على قطاعات النفط والغاز والطاقة والنقل والبتروكيماويات والطاقة النووية والبناء. ولديه خبرة واسعة في منطقة الشرق الأوسط وروسيا والمملكة المتحدة.