27/01/2020
في إطار المساعي الرامية إلى التعامل مع مخاوف الأمن الغذائي، يتم طرح فكرة بناء مجمعات ضخمة لمعالجة الأغذية في منطقة الخليج.
وفي مقابلة أجراها عبدالعزيز ختك مع ميخائيل شامل أورلوف، مستثمر روسي بارز وخبير في قطاع الأغذية قال بأن هناك حاجة ماسة لتوفير احتياطيات غذائية، خاصة في ظل حالة عدم التوازن المتزايدة بين العرض والطلب بسبب زيادة عدد السكان، ونقص الأغذية، وهو ما يشكل تهديدًا سياسيًا حقيقيًا للحكومات.
ومن وجهة نظره، فإن دول الخليج تشكل موقعًا هامًا لإقامة بنك مركزي للحبوب بسبب حالة الأمن المثالية، وتعتبر البحرين موقعًا مثاليًا نظرًا لمرافقها وموانيها العصرية.
أورلوف هو رئيس مجلس الأعمال الروسي-المصري وهو حفيد الملك فاروق، ملك مصر السابق. كما أن عضو في مجلس أجروفينموست الذي تم تأسيسه في عام 2018 ويرأسه المفتي محمد تقي عثماني، أحد كبار رجال الفقه والتمويل الإسلامي، ورئيس هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية الواقع مقرها في البحرين.
ويقترح أورلوف نموذجين للتخزين، الأول كما قال للدول غير القادرة على إنتاج طعامها، وهذه الدول يجب أن تحصل على حاجتها من الطعام لمدة عامين على الأقل لمواجهة تقلبات السوق، مثل أزمة الأرز العالمية في 2007-2008.
«هذا الوقت أي السنتين يتيح لهذه الدول تأمين احتياطياتها لموسم الحصاد التالي عندما تنخفض الأسعار،» كما أشار.
أما نموذج التخزين الثاني فيمكن استخدامه لتأسيس صندوق للتدخل والذي يتيح تدفق الغذاء إلى الأماكن أو الدول المتأثرة، كما يقول أورلوف.
وبينما يمكن بناء مرافق التخزين في أي مكان، فإن منطقة الشرق الأوسط تملك إمكانيات هائلة بسبب أهميتها في العالم الإسلامي، كما أضاف.
وأكد أن بنك الحبوب في منطقة الخليج يمكنه مواجهة أي تقلبات في أي مكان ومن ثم تزويد الأسواق ما تحتاجه للحفاظ على استقرارها.
وتعتبر روسيا في الوقت الحالي أكبر مصدر للقمح وتملك أكبر مساحة أرض قابلة للزراعة، لذا ممكن أن تصبح موردًا رئيسيًا.
وحسب ما يقول أورلوف، فإن المرافق والمنشآت المتطورة يمكن أن تكون جزءًا من مجمعات أوسع للأغذية والتي قد لا تشتمل على مرافق تخزين فقط، بل أيضًا وحدات لمعالجة الأغذية.
«إن وجود مثل هذه الوحدات الضخمة لمعالجة الأغذية بالقرب من مرافق التخزين لا يساعد على الوفاء باحتياجات الأغذية المعالجة عالية الجودة فقط، بل يمكن أن تتيح لبعض البلدان مثل البحرين أن تكون مصدرة للأغذية. هذه المجمعات لا توفر طريقة لتوطين سلسلة القيمة للأغذية وإضافة القيمة إلى الاقتصاد فحسب، بل إنها تعزز من الأمن الغذائي للدولة أيضًا.»
وبدون الكشف عن اسماء أو أماكن، أشار أورلوف إلى أن فريق عمله يتفاوض بالفعل مع أربع حكومات في المنطقة بشأن هذه المشاريع.
وحول حجم الاستثمار، أشار إلى مبلغ ما بين 270-350 يورو لكل طن، ولكنه قال أن هذا الرقم قد يرتفع في البلدان التي تعاني من ضعف أو نقص البنية التحتية، والذي يكون فيها الاستثمار في الموانئ والأرصفة والطرق والسكك الحديدية والكهرباء ضروريًا لإقامة مثل هذه المشاريع.
بالنسبة للمستثمرين الراغبين في الاستثمار في نموذج مجمع معالجة الأغذية، فإن أورلوف أكد أن العائدات سريعة. «تتميز هذه المجمعات بالكفاءة العالية، والمردود السريع مقارنة بالاستثمار في صناعة أخرى بنسبة 20 بالمائة على الأقل.»
تلقت مشاريع أجروفينموست اعتمادات من كبرى الهيئات الرائدة في العالم الإسلامي، وسوف تستخدم أدوات التمويل الإسلامي لجذب الاستثمارات من الدول الإسلامية إلى قطاع الزراعة الروسي، وفي المقابل إقامة قنوات مستدامة لتوريد الغذاء إلى الدول الإسلامية.
وبشكل عام، توفر معظم مشاريع أجروفينموست العديد من المزايا لكل من المصدر (روسيا)، والدول المستوردة، وأغلبها دول إسلامية والذي يكون الطلب على الأمن الغذائي عاليًا، كما يقول متحدث باسم المشروع.
وأضاف بأنها سوف تتيح تطوير طرق لوجستية جديدة للدول الإسلامية، بما في ذلك استخدام ممر الشمال-الجنوب للنقل الدولي.
ولكن يجب التركيز على أهمية التمويل المستدام من الدول المستوردة، فضلا عن أهمية تطوير البنية التحتية للتصدير في روسيا لتفي باحتياجات الطلب.
وفي شهر مايو من العام الماضي، أصدر الرئيس الروسي فلايمير بوتن قرارًا بزيادة الصادرات الزراعية للبلاد من 24 مليار دولار في الوقت الحالي إلى 45 مليار دولار في عام 2024.
وتتمتع روسيا بالعديد من العوامل التي تؤهلها لتحقيق ذلك، خاصة في ظل التوسع الكبير في الأراضي الزراعية.
وحسب ما تشير التقديرات، فإن روسيا تملك إمكانيات لإنتاج 100 مليون طن إضافية من الحبوب زيادة عن الاستهلاك المحلي، مما يجعلها موردًا رائدًا.
ويتيح مشروع أجروفينموست جلب استثمارات بمليارات الدولارات في مختلف عناصر إنتاج وسلسلة توريد الأغذية، بما في ذلك مخازن الحبوب، وتطوير وتوسعة طاقات الموانئ، وأنظمة المعدات، وأنظمة النقل.