ستيوارت جوردان... يعتبر التحديث ممارسة إرشادية جيدة للمحكمين الجدد.
نحو عملية تحكيم أفضل
22/04/2019
ستيورات جوردان* يقدم رؤية عميقة بشأن التوصيات والإرشادات المذكورة في التحديثات الجديدة لقواعد التحكيم الخاصة بغرفة التجارة الدولية والتي تسري على النزاعات في قطاع البناء والإنشاء.
بعد فترة طويلة وفجوة واضحة، أصدرت غرفة التجارة الدولية تحديث 2019 لتقريرها النهائي عن التحكيم في صناعة البناء، والذي كان قد صدر في عام 2001. ويحمل التحديث عنوان «الأدوات والآليات الموصي بها لضمان إدارة فعالة».
يأتي التحديث على نفس مسار تقرير 2001: يبدأ ببحث العوامل الخاصة في النزاعات المتعلقة بالبناء والإنشاء، ثم يتجول عبر تسلسل كل إجراء، بدءًا من اختيار المحكّم وحتى جلسة الاستماع. وكما كان في السابق، فإن التحديث يميل إلى «مساعدة المحكمين الذين لا يملكون خبرة كافية عن التحكيم في قطاع البناء والتي تتم وفق قواعد غرفة التجارة الدولية أو الراغبين على تذكيرهم بالخيارات المتاحة.» بمعنى آخر، إنها ممارسة إرشادية جيدة للمحكمين الجدد ولهؤلاء الذين يملكون خبرة في تحكيم نزاعات البناء ولكن قد يحتاجون إلى إنعاش لمعلوماتهم.
وبالرغم من أن التحديث موجه للمحكم، فإنه مهم أيضًا للأطراف المتنازعة وممثليهم، فهو يقر باستقلالية الأطراف (سواء بموجب شروط متفق عليها في العقد أو رغبة مشتركة من الجانبين)، ولكنه يرى أنه من واجب المحكمين لفت انتباه الأطراف إذا كانت الإجراءات المقترحة ليست هي الأفضل مع اقتراح البدائل. لذا يجب إلقاء الضوء على الطرق التي يقترحها المحكمون.
ظاهريًا، تم ترويج التحديث من خلال نشر قواعد غرفة التجارة الدولية الجديدة عن التحكيم في عام 2017 (تمامًا كما صدر تقرير 2001 في أعقاب نشر قواعد 1999)، ويعتبر وسيلة سهلة لشرح الفرص التي تقدمها هذه المراجعات. لقد تم استقبال مراجعات 2016 بشكل جيد من قبل صناعة البناء، حيث رأت الأغلبية أنه هذه التغييرات تساعد على التعامل مع النزاعات الخاصة بصناعة البناء، خاصة فيما يتعلق بالنزاعات متعددة القضايا ومتعددة العقود.
ومع التحديث الأخير، فإن غرفة التجارة الدولية تسعى إلى مساعدة الأطراف على الاستفادة من القواعد الجديدة. ويجب تذكر بأن المؤسسة تعمل في سوق مزدحمة ونشطة للغاية. ومن خبرتي الخاصة، فإنه بينما كانت غرفة التجارة الدولية مندمجة للغاية في النزاعات المشار إليها في عقود عام 2001، فإنها الآن أصبحت أكثر تقديرًا واعترافًا بالعديد من مؤسسات التحكيم العالمية والإقليمية، إضافة إلى المحاكم المحلية المتخصصة. أما فيما يتعلق بقرارات النزاعات، فإن «ما هو جيد هو ما يصلح»، ويرغب الأطراف في قرارات عالية الكفاءة، وإجراءات سهلة التنفيذ، ونتائج مناسبة التكاليف. هذا التحديث يلقي الضوء على كيفية العمل بكفاءة عالية مع قواعد غرفة التجارة الدولية لتحقيق هذه الأهداف.
معظم التوصيات تبدو مثل الفطرة السليمة العادية، ولكن هذا لا يضر إذا كانت ستساعد الممارسين والمحكمين على التوقف قبل إتباع العادات المعروفة. وتهدف الكثير من التوصيات إلى تحقيق الكفاءة في ترشيد التكلفة، ومن أبرز ذلك:
فيما يتعلق باختيار المحكم، فإن أحد المعايير الرئيسية (إلى جانب الوعي بالصناعة والقانون) هو... الوفرة! يبدو الأمر واضحًا ولكن يشهد الكثير من المحامين صعوبات في إيجاد المحكمين من ذوي الكفاءة، ويترتب على عدم الوفرة تأخيرات كبيرة في مراحل حاسمة. فإذا كان المحكم الذي تبحث عنه غير مرتبط، احرص على الحصول على إجابات قاطعة خلال الوقت المستقطع لك.
كما يؤخذ عدد المحكمين في الاعتبار على ضوء قيمة الأمر المتنازع عليه، مما يفسر التكلفة التي ينطوي عليها. ويقر التحديث الجديد بأن الأطراف من بلدان القانون المدني عادة ما يتوقعون رؤية لجنة من المحكمين بغض النظر عن القيمة المتنازع عليها.
ويجب على أول مؤتمر لإدارة القضايا وضع الأساس الذي ستسير عليه الإجراءات. ويشتمل التحديث على قائمة من القضايا التي يجب تحديدها، بما في ذلك الحاجة إلى دليل من خبير، تقسيم القضايا (اتخاذ قرار بشأن القضايا الأولية، والتعويضات الجزئية، والتعويضات الإجرائية)، وإدارة المستندات، وإجراءات التسوية.
ويتعين عرض النزاعات التي تعتمد على برامج (جداول) وإجراءات حاسمة بشكل واضح وفي المرحلة الأولى. ويتعين على كل طرف يطلب تمديد الوقت، أن يضع منهجيته رهن التحليل والفحص. كما يجب على الخبراء الاجتماع في مرحلة مبكرة لتحديد الحقائق والنظر إلى الأمور ذات الصلة «بحيث يمكن وضع أساس راسخ ومنهجية واضحة متفق عليها». قد يبدو هذا طموحًا مبالغ فيه قليلا، ولكنه على الأقل يتيح لنا تفهم أسباب اختلاف الأطراف على المنهج الأساسي المطلوب. كما يجب تحديد مطالبات التأخير بفعالية من قبل خبراء الأطراف الذين يتعين عليهم التناقش مع بعضهم البعض حتى يصلوا إلى قرار بشأن تحديد المطالبات الصحيحة، أو على الأقل تحديد المطالبات الخاطئة.
ويتم تذكير المحكمين بصلاحياتهم المتعلقة باتخاذ إجراءات مرحلية، بما في ذلك الأمر بضرورة الامتثال لقرار لجنة حل النزاعات والحفاظ على الممتلكات والأصول.
هذا التحديث يعد تذكيرًا مفيدًا لما يمكن تحقيقه من خلال تبني ممارسة جيدة وفق قواعد غرفة التجارة الدولية، بالرغم من الكثير من هذه القواعد (خاصة الخاصة بالكفاءة في خفض الوقت والتكلفة، والاستعانة بالخبراء) تمثل دروسًا تم الاستفادة منها من قبل. هذا الأمر يبدو متخلفًا بطريقة ما عن الإجراءات التي تتخذها المحاكم العصرية التجارية أو الإنشائية.
* ستيوارت جوردان شريك في مجموعة جلوبال بروجكتس أوف بيكر بوتس، وهي شركة محاماة دولية رائدة. وتركز ممارسات جوردان على قطاعات النفط والغاز والطاقة والنقل والبتروكيماويات والطاقة النووية والبناء. ولديه خبرة واسعة في منطقة الشرق الأوسط وروسيا والمملكة المتحدة.
المزيد من الأخبار